**قصة الرجل الأعرابي والتاجر المحتال**
في قديم الزمان، كان هناك رجل أعرابي يعيش في صحراء العرب حيث كان يعتمد في حياته على رعي الأغنام والتجارة البسيطة. كان الأعرابي يتمتع بالذكاء والفطنة، لكنه كان بسيطًا في تعامله مع الناس ويؤمن أن كل الناس صادقون مثله.
في يوم من الأيام، قرر الأعرابي أن يبيع بعض أغنامه ويشتري بضاعة من المدينة ليعود بها إلى الصحراء ويبيعها هناك. ذهب الأعرابي إلى السوق في المدينة، وهناك التقى بتاجر معروف بين الناس بمهارته في البيع، لكنه كان محتالاً في تجارته ويستغل بساطة الناس.
اقترب الأعرابي من التاجر وقال له: "السلام عليكم، أريد أن أشتري منك بضاعة جيدة لأبيعها في الصحراء."
رد التاجر بابتسامة خبيثة: "وعليكم السلام، بالطبع يا أخي. لدي بضاعة لن تجد مثلها في السوق، إنها الأفضل والأكثر طلبًا بين الناس!"
أخذ التاجر الأعرابي إلى مستودعه وبدأ يعرض عليه بعض الصناديق المغلقة قائلاً: "في هذه الصناديق كنوز من البضاعة التي يبحث عنها الجميع. سأبيعها لك بسعر خاص، لأنني أرى أنك رجل طيب ومخلص."
سأل الأعرابي: "وما الذي في هذه الصناديق يا أخي؟"
قال التاجر وهو يبتسم بخبث: "إنها ملابس فاخرة، وتوابل نادرة، وأشياء أخرى ستجني منها ثروة في الصحراء. لا تقلق، أنا لن أخدعك، يمكنك الاعتماد علي."
شعر الأعرابي بأن التاجر صادق، وبسبب ثقته الزائدة دفع ثمن البضاعة وأخذ الصناديق دون أن يفتحها. وعاد إلى الصحراء سعيدًا بتجارته الجديدة، متوقعًا أن يحقق أرباحًا كبيرة.
عندما وصل الأعرابي إلى بيته، بدأ بفتح الصناديق ليجهز البضاعة للبيع، ولكن ما أن فتح أول صندوق حتى أصيب بالصدمة! وجد في داخله حجارة قديمة وبعض الأقمشة المهترئة التي لا قيمة لها. فتح الصندوق الثاني والثالث فوجد نفس الشيء. عندها أدرك أنه قد تعرض للاحتيال.
غضب الأعرابي كثيرًا، لكنه بدلًا من الاستسلام قرر أن يعود إلى المدينة ليواجه التاجر المحتال. وفي اليوم التالي، عاد إلى السوق ووجد التاجر في مكانه. اقترب منه وقال بصوت عالٍ ليسمعه الجميع: "يا أيها التاجر! لقد خدعتني وبعتني بضاعة مغشوشة، وأريد أموالي الآن!"
حاول التاجر أن يتظاهر بالبراءة وقال: "لا أفهم ما تقول، لقد بعتك أفضل بضاعة لدي!"
رد الأعرابي بذكاء: "حسنًا، دعنا نترك الأمر للحكماء هنا في السوق ليقرروا. أريد أن أفتح هذه الصناديق أمامهم ليروا ما بداخلها ويعرفوا من الصادق ومن المحتال."
بدأ الناس في السوق يتجمعون حولهم لمشاهدة ما سيحدث. وعندما فتح الأعرابي الصناديق أمام الجميع، ظهرت الحجارة والأقمشة المهترئة، فضحك الناس وسخروا من التاجر الذي احمر وجهه من الخجل.
أدرك التاجر أنه لن ينجو من هذا الموقف بسهولة، فحاول أن يهدئ الأعرابي قائلاً: "يا أخي، لقد حدث خطأ ما، سأعيد لك أموالك فورًا."
لكن الأعرابي لم يكن لينهي الموقف بسهولة، فقال بصوت قوي: "لا، لقد جئت لأعلمك درسًا. عليك أن تشتري مني هذه الحجارة وهذه الأقمشة بنفس السعر الذي بعتها لي به، وإلا سأخبر كل من في السوق بما فعلت."
لم يكن أمام التاجر أي خيار، فاضطر إلى شراء البضاعة التي باعها بالأمس بثمنها الباهظ. وبهذا، استعاد الأعرابي أمواله ولقن التاجر درسًا لن ينساه أبدًا.
عاد الأعرابي إلى الصحراء مسرورًا، ليس فقط لأنه استعاد أمواله، بل لأنه تعلم درسًا قيمًا أيضًا: أن الثقة بالناس لا تعني التهاون في التأكد من الأمور بنفسه. ومنذ ذلك اليوم، أصبح أكثر حرصًا في تجارته، واستفاد من تجربته مع التاجر المحتال.
وهكذا، استطاع الأعرابي أن يستخدم ذكاءه وفطنته للتغلب على التاجر، ليصبح حديث المدينة ويحكى عنه لسنوات طويلة.
0 تعليق على موضوع : قصة الرجل الأعرابي والتاجر المحتال
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات